من مواليد لبك في أوائل الستينات، وانضم لحزب الله وهو على مشارف الثلاينات من عمره، ومع أول انضمامه كان ضمن الخلية التي تبنت تفجير السفارة الأميركية في بيروت في أبريل 1983، وفي ذات العام شارك في الهجوم على ثكنات مشاة البحرية الأميركية (المارينز)، خطواته العسكرية الاولى تنبؤك بمن هو إبراهيم عقيل التي تم تصفيته في قلب بيروت أثناء اجتماع سري، ويجعلك تتفهَّم لما أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي في بيان، إنه نفّذ “ضربة محدّدة الهدف” ؟
“الفجر” تكشف دقائق المعلومات حول القائد الفعلي لجيش الرضوان بحزب الله اللبناني، ورجل من رجالات التنظيم الإسلامي ذي الصبغة الشيعية، وعضو المجلس الجهادي، أعلى هيئة عسكرية، تساند الأمين العام حسن نصر الله.
بالعودة إلى مايوم 2016، كان خبراء ومختصِّين في شؤون الجماعات السياسية والإسلامية بقولون إنَّ طرح اسم إبراهيم عقيل، كخليفة لمصطفى بدر الدين، بعد مقتله في سوريا، كان بمثابة رسالة موجَّهة لجمهور حزب الله، وهدفه الإيحاء بأن القيادة العسكرية للحزب استوعبت سريعا خسارة بدر الدين، وأن هناك من يمكنه أن يكمل مسيرته، لا سيَّما وأنَّه بعد رحيل أ إلا أن طرح إبراهيم عقيل الذي ينتمي للجيل الثاني مؤشر على أن الجيل الأول للحزب والذي ينتمي إليه مغنية وبدر الدين قد استنفد أغراضه، وبالتالي فإن الحزب دخل مرحلة جديدة في نوعية قياداته الميدانية العسكرية.
مطلوب لأكثر من جهة
إبراهيم عقيل، الرجل العسكري البارز في حزب الله، لم يكن مطلوبًا فقط من السلطات اللبنانية بل أيضًا من جهات دولية أخرى. القضاء اللبناني يلاحق عقيل بسبب ارتباطه بمحاولة اغتيال رئيس الوزراء الأسبق شفيق الوزان، بالإضافة إلى دوره المزعوم في عدة عمليات خطيرة. وكان من أبرز تلك العمليات تفجير السفارة الأميركية في بيروت عام 1983، الذي أدى إلى مقتل 63 شخصًا، بالإضافة إلى تفجير ثكنات مشاة البحرية الأميركية في نفس العام، ما تسبب في مقتل 241 جنديًا أميركيًا. هذه الهجمات جعلت عقيل تحت الأنظار الدولية، ورفعت مستوى المطالبات بمحاكمته دوليًا.
كما كان عقيل مطلوبًا من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي (FBI)، حيث تم توجيه اتهامات ضده لإدارته عمليات اختطاف رهائن أميركيين وألمان في الثمانينيات، واحتجازهم في لبنان. وصنفته وزارة الخارجية الأميركية كـ “إرهابي عالمي”، ورصدت مكافأة تصل إلى 7 ملايين دولار مقابل معلومات تؤدي إلى القبض عليه.
بين مكسب استراتيجي وتكبُّد خسارة
اغتيال إبراهيم عقيل، الذي يعتبر “الرجل العسكري الثاني” في حزب الله بعد فؤاد شكر، يشكل مكسبًا استراتيجيًا لجيش العدو الإسرائيلي وخسارة فادحة للحزب. بوفاته، يفقد حزب الله أحد أبرز قياداته العسكرية التي كانت تتمتع بخبرة طويلة في قيادة العمليات. عقيل، الذي خلف شكر في الأهمية العسكرية، كان يشرف على العديد من الملفات الحساسة التي تمس بنية الحزب وقوته العملياتية. من جهة أخرى، يعزز اغتياله موقف الجيش الإسرائيلي في الحرب المستمرة ضد الحزب، حيث تمكنت إسرائيل من توجيه ضربة موجعة للهيكل القيادي للحزب، مما قد يضعف قدرته على تنظيم وتخطيط العمليات في المرحلة المقبلة.
على قوائم الإرهاب
في يوليو 2015، أدرجت وزارة الخزانة الأميركية إبراهيم عقيل في قائمة المتهمين بالإرهاب، وفي سبتمبر 2019، تم تصنيفه كـ “إرهابي عالمي”، مع تحديد مكافأة قدرها 7 ملايين دولار مقابل معلومات تقود إلى القبض عليه.
نتج عن هذه القرارات تجميد كافة ممتلكات عقيل وأمواله في المناطق التي تخضع للقانون الأميركي، مما يمنع المواطنين الأميركيين من إجراء أي تعاملات معه.
كما أصدرت المنظمة الدولية للشرطة الجنائية (إنتربول) مذكرات بحث بحق عقيل، نظرًا للاشتباه بتورطه في اختطاف رهينتين ألمانيتين وتفجير حدث في العاصمة الفرنسية باريس خلال أواخر الثمانينيات.
اغتياله في لبنان
قبل منتصف اليوم الجمعة 20 سبتمبر 2024، أعلنت إسرائيل عن اغتيال إبراهيم عقيل، حيث استهدفته طائرة من طراز “إف 35” بصاروخين أثناء وجوده في شقة بمنطقة الجاموس في الضاحية الجنوبية لبيروت.
ووفقًا لوسائل الإعلام اللبنانية، كان عقيل يعقد اجتماعًا مع قيادات فلسطينية ولبنانية خلال عملية القصف، مما يبرز تأثيره الواسع على الساحة السياسية في المنطقة.
كيف رد حزب الله؟
صمت حزب الله وأمينه العام حسن نصر الله بعد إعلان اغتيال إبراهيم عقيل أثار العديد من التساؤلات حول استراتيجية الحزب في التعامل مع هذه الخسارة الكبيرة. عدم إصدار تصريحات رسمية أو تعليقات سريعة قد يُفسر كجزء من تكتيك الحزب في محاولة تقييم الأضرار والتخطيط للرد المناسب.
صمت نصر الله، الذي عادة ما يكون صريحًا وواضحًا في ردوده على الهجمات الإسرائيلية، يعكس الحذر وربما التحضير لردٍ متزن يهدف إلى الحفاظ على قوة الحزب العسكرية والمعنوية دون الانجرار إلى تصعيد غير مدروس. في الوقت ذاته، يمكن أن يكون الصمت جزءًا من استراتيجية انتقامية تتيح للحزب الوقت الكافي لاختيار توقيت وطريقة الرد على إسرائيل بشكل مؤثر.