الاقتصاد الذى نريده!

اقتصاد الحرب بمفهومه الواسع فى العالم هو تحويل الاقتصاد الوطنى بشكل كامل أو جزء منه لخدمة المجهود الحربى وتوفير احتياجات القوات المسلحة وما تتطلبه لخوض المعارك العسكرية. وظهر اقتصاد الحرب لأول مرة خلال الحرب الأهلية الأمريكية ما بين عامى 1861 و1862، ثم برز مجدداً مع الحرب العالمية الثانية، وتعتبر الولايات المتحدة الأمريكية من بين أكثر الدول التى طبقت مفهوم اقتصاد الحرب خلال الحربين العالميين الأولى والثانية وحرب ڤيتنام.

ويعتمد اقتصاد الحرب على مجموعة من القوانين التى تتيح للدولة السيطرة على كافة الموارد وتلزم المصانع بتطبيق تغييرات جوهرية لتحقيق الأهداف وتحقيق التوازن بين الاحتياجات العامة للدولة بما فيها الاحتياجات العسكرية وتشمل أيضاً تغييرات جوهرية بما فيها الضرائب.

طبقت مصر اقتصاد الحرب فى الفترة من 1967 حتى 1973، عندما أعلن الدكتور عزيز صدقى رئيس الوزراء وقتها عن «ميزانية المعركة»، التى جاءت بهدف تعبئة الاقتصاد وتنظيمه خلال فترة الحرب، بهدف توفير احتياجات القوات المسلحة خلال فترة الحرب وتمويل المتطلبات الناتجة عنها.

حاليًا مصر ليست فى حاجة ماسة للدخول فى اقتصاد الحرب بمعناه الحرفى، ونفهم من تصريح الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء أنه فى حالة حدوث تطورات كحرب إقليمية سندخل فى ما يسمى اقتصاد حرب، أى اتخاذ إجراءات ترشيد زائدة ربما قصد منه التعبير عن تحوط الحكومة المصرية واستعدادها لأسوأ الظروف أكثر منه كإعلان عن إمكانية الدخول الحقيقى فى اقتصاد الحرب.

ويعتبر تصريح رئيس الوزراء رسالة طمأنة للمستثمرين بأن الحكومة المصرية لديها تخطيط مبكر للتعامل مع أى طوارئ أو أزمات تؤدى لتفادى أى خسائر كبيرة، ومن المعروف أن الاستثمار الأجنبى سواء فى مصر أو فى أى دولة لا يأتى بناءً على الظروف والمناخ الاستثمارى بل بناء على ضمانات وتفاهمات مع الحكومات. ويعنى حديث رئيس الوزراء للمستثمر أن مصر لا تترك الأمور للصدفة أو للظروف، بل إن هناك تخطيطًا واستعدادًا مبكرًا، ولا يوجد تمهيد من الحكومة لإجراءات اقتصادية صعبة على المواطنين، لأن مصر لديها برنامج اقتصادى معلن يتضمن إجراءات متفقًا عليها مع صندوق النقد الدولى والجميع يعلمها ولها توقيتاتها.

تمتلك مصر خلال الفترة الحالية الاحتياطات الاستراتيجية الكافية التى تجعلها تتعامل مع سيناريوهات اقتصاديات الحرب، حيث توافر المخزون الكافى من التموين والإمداد والاحتياطى النقدى الأجنبى المطلوب، ولا تمس اقتصاديات الحرب فى حالة اللجوء إليها الدعم من بعيد أو من قريب، بل ترشيد الإنفاق فيه فقط وتوجيهه إلى الأساسيات والمتطلبات الرئيسية، لأن مصر ليست بعيدة عما يحدث فى المنطقة المشتعلة حالياً، فالدولة المصرية حريصة على طمأنة المواطنين على أنه تعمل لمواجهة كافة السيناريوهات ومجابهة التطورات السلبية الناتجة عن الأحداث فى المنطقة ولديها خطة قوية لمواجهة أى تداعيات سلبية فى حالة تصاعد أحداث الصراع فى المنطقة وفى مقدمتها توفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين من خلال مخزون احتياطى استراتيجى قوى.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *