ماذا يعنى مد السكة الحديد إلى سيناء؟

التنمية أفعال على أرض الواقع، وإنجازات تبقى لأجيال قادمة، ولا عبرة لأى تنمية تبتعد عن الإنسان وحاجاته وراحته وأمنه واستقراره. 

لذا فإننى أتصور أن ما جرى قبل أيام فى سيناء من مد لخط السكة الحديد إليها وصولًا إلى منطقة القنطرة شرق بطول مئة كيلو مترًا يمثل إنجازًا عظيمًا يستحق الالتفات والاهتمام، ويؤكد أن الدولة المصرية حريصة كل الحرص على تعمير سيناء بجدية وتركيز ووفق خطط مسبقة، سعيًا لفتح مجالات استثمار واسعة فيها. ولا شك أن ذلك يأتى انطلاقًا من اعتبار التنمية إحدى أهم وسائل تأمين الجبهات الداخلية.

لقد تابعت بسعادة بالغة التشغيل التجريبى للقطار الذى يمر أعلى كوبرى الفردان فوق قناة السويس مخترقًا صحراء سيناء لينقل البشر والبضائع بشكل سهل وسلس إلى هناك، مؤسسًا لتجمعات عمرانية جديدة، وميسرًا لفكرة توطين آلاف الأسر فى شبه الجزيرة الحبيبة، ومبشرًا بفرص استثمار متنوعة فى الصناعة والتعدين والخدمات.

إن عالمًا جديدًا يتمدد فى شبه الجزيرة الحبيبة التى استشهد آلاف المصريين دفاعًا عن ترابها الحبيب، وهو عالم عماده التنمية، بمفهومها الشامل والمستدام، باعتبار أن هذه التنمية هى خط دفاع راسخ فى مواجهة أى مخاطر وأطماع محتملة.

ويعد الخط الجديد بمثابة مرحلة أولى لمشروع عظيم هو مشروع ربط بورسعيد بسيناء شمالًا من بئر العبدوالعريش، وجنوبًا حتى طابًا، بطول يتجاوز 500 كيلو متر مربع، وهو دون شك أعظم مشروع يتم تنفيذه على أرض سيناء منذ عودتها إلى السيادة المصرية.

وكما ذكرت من قبل فإن هذا المشروع يبعث برسائل عديدة على كافة المستويات السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، ومن بينها أن سيناء وتعميرها وتطويرها تمثل أولوية كبرى فى أولويات التنمية، وأنها غير قابلة للانتقاص أو الاستغلال الاستخدام إلا من شعبها الكريم.

كما يؤكد المشروع العظيم أنه لا مجال للتراجع عن أى حلم وهدف مهما كانت كلفته ما دام ضروريًا وحيويًا، واللافت هنا أن هذا الحلم المؤجل لأكثر من أربعين عامًا تحول إلى واقع لأن هناك إرادة ورغبة وتخطيط ساهموا فى ذلك، وما دام ذلك النجاح ممكنًا فى مشروع، فإنه ممكن فى كافة المشروعات، التى لا حدود لها ما دامت آثارها تصب فى صالح الإنسان.

كذلك، فإن هناك رسالة إقتصادية مهمة مفادها أن مصر لديها فرص استثمار عظيمة ومتنوعة وكل ما تحتاج إليه هو تنظيم هذه الفرص، ودعمها ومساندتها من خلال شبكات الطرق التى أثبتت أنها شريان الحياة الرئيسى للاستثمار، وهى البداية الحقيقية لتوليد مناخ استثمار كبير وجذاب ومنفتح يركز على الانتاج والتعمير.

وهناك أيضا رسالة مهمة بأن مصر كبيرة ومتسعة وأن التحرك بعيدًا عن الوادى ضرورة تنموية خاصة فى ظل زيادة سكانية وكثافة تسبب خللًا فى بيئة العمل والفرص المتاحة.

نحن أيضا نتعلم أن التنمية ليست كلامًا مرسلًا ولا وعودًا مرددة وإنما أفعال واقعية، وعودة خط سكة حديد توقف لنحو ستة عقود يمثل إنجازًا فعليًا يتجاوز الجدل العبثى بشأن أداء الدولة ومؤسساتها ونجاحات وإخفاقات مسئولين ما. 

فالعمل الحقيقى هو أفضل رد على المشككين فى نوايا الدولة بشأن الإنسان فى المستقبل.

وسلامٌ على الأمة المصرية

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *